أحد عيوبي التي أحبها أنني اتماهى مع أي بيئة يتم وضعي فيها بطريقة مذهلة ، لدرجة أنني إذا تواجدت بين الجهلة قد تعتقد أنني أفوقهم جهلاً ، وإذا تواجدت بين أصحاب أو طلاب العلم ستنصدم من ما في جعبتي ، وإذا تواجدت بين الأطفال سأوازيهم أو أفوقهم سذاجة ، وإذا تواجدت بين الدهاة والمكار ستجزم بأنني كبيرهم الذي علمهم السحر ...
لا أعرف من اين تنبع تلك الرغبة في داخلي في الإنسجام مع البيئة المحيطة وعدم مقاومتها والسماح للأشياء أن تكون وتحدث كما هي ، ولكنني أضحك كثيراً عندما أتذكر ذلك الشخص الذي لا أعرفه ولا يعرفني والتقيت به في إحدى المحال التجارية بينما كان يشتري كمية كبيرة من الحلويات والسكاكر وبدأ يشرح لي كيف أن جسدنا يحتاج السكر وأن علينا أن نعطيه حاجته من السكر والحلويات عندما يحتاج ذلك ..
ثم أخذ قنينة من العصير المصنع التي لم ترى شكل الفاكهة في حياتها وبدأ يشرح لي أنها خيار صحي وأنه يأخذها يومياً لمد جسمه بالفيتامينات ، ثم ختم بأنه نصحني بأن لا أأكل اللحوم نهائياً لأنها سبب كل الامراض والشرور في الجسد ، لا أضحك على إندفاعه في منحي معلوماته الثمينة بقدر ما أضحك على نفسي عندما أتذكر كيف تقبلت كل ذلك بدون أن أنبس بحرف ...
لدي قناعة عميقة بأن من أراد المعرفة أو حتى العون والمساعدة عليه أن يطلبها ، فهكذا يعاملنا الكون فانت لا تعطى إلا ما تطلب سواء بوعي أو بدون وعي ...
#رائد_بدير